فصل: 231- باب فضل من فطَّر صائمًا وفضل الصائم الذي يؤكل عنده ودعاء الآكل للمأكول عنده:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تطريز رياض الصالحين



.231- باب فضل من فطَّر صائمًا وفضل الصائم الذي يؤكل عنده ودعاء الآكل للمأكول عنده:

1265- عن زيد بن خالد الجُهَنِيِّ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا، كَانَ لَهُ مِثْلُ أجْرِهِ، غَيْرَ أنَّهُ لاَ يُنْقَصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْءٌ». رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
فيه: فضيلة تفطير الصائم، وفي حديث سلمان: «يعطي الله تعالى هذا الثواب من فطَّر صائمًا على تمرة، أو شربة ماء، أو مذقة لبن».
1266- وعن أُمِّ عُمَارَةَ الأنصارِيَّةِ رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَدَّمَتْ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ: «كُلِي» فَقَالَتْ: إنِّي صَائِمَةٌ، فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الصَائِمَ تُصَلِّي عَلَيْهِ المَلاَئِكَةُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ حَتَّى يَفْرغُوا». وَرُبَّمَا قَالَ: «حَتَّى يَشْبَعُوا» رواه الترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ).
في هذا الحديث: زيارة أهل الفضل أتباعهم، ولو كان المزور امرأة إذا أمنت الفتنة والتهمة.
وفيه: إكرام الضيف.
1267- وعن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم جَاءَ إِلَى سعد بن عبادة رضي الله عنه فَجَاءَ بِخُبْزٍ وَزَيْتٍ، فَأكَلَ، ثُمَّ قَالَ النبي صلى الله عليه وسلم: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ؛ وَأكَلَ طَعَامَكُمُ الأَبرَارُ، وَصَلَّتْ عَلَيْكُمُ المَلاَئِكَةُ». رواه أَبُو داود بإسناد صحيح.
في هذا الحديث: إحضار ما سهل، وأنه لا ينافي الجود.
وفيه: استحباب الدعاء من الضيف عند فراغ الأكل.

.كتَاب الاعْتِكَاف:

.232- باب فضل الاعتكاف:

1268- عن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ. متفقٌ عَلَيْهِ.
الاعتكاف: لزوم المسجد لطاعة الله تعالى، وهو قربة.
قال الله تعالى: {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125].
وقال تعالى: {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، وهو مشروع بالكتاب والسنَّة والإجماع.
1269- وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَكِفُ العَشْرَ الأوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ، حَتَّى تَوَفَّاهُ اللهُ تَعَالَى، ثُمَّ اعْتَكَفَ أزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. متفقٌ عَلَيْهِ.
قال ابن دقيق العيد: فيه استحباب مطلق الاعتكاف، واستحبابه في رمضان بخصوصه، وفي العشر الأواخر بخصوصها.
وفيه: دليل على استواء الرجل والمرأة في هذا الحكم. انتهى.
والمقصود من الاعتكاف جمع القلب بالخلوة عن الناس، والإقبال على الله تعالى والتنعم بذكره وعبادته.
1270- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: كَانَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْتَكِفُ في كُلِّ رَمَضَانَ عَشْرَةَ أيَّامٍ، فَلَمَّا كَانَ العَامُ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ اعْتَكَفَ عِشْرِينَ يَوْمًا. رواه البخاري.

.كتَاب الحَجّ:

.233- باب وجوب الحج وفضله:

قَالَ الله تَعَالَى: {وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فإنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ العَالَمِينَ} [آل عمران: 97].
الحج في اللغة: القصد. وفي الشرع: القصد إلى البيت الحرام بأعمال مخصوصة.
قال الله تعالى: {وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ} [البقرة: 196].
والأصل في وجوبه الكتاب والسنَّة والإجماع، وهو أحد أركان الإسلام.
والسبيل: الزاد والراحلة.
وقوله تعالى: {وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، قال ابن عباس: ومن جحد فريضة الحج فقد كفر، والله غني عنه.
وقال سعيد بن المسيّب: نزلت في اليهود حيث قالوا: الحج إلى مكة غير واجب.
وقال السدي: هو من وجد ما يحج به، ثم لم يحج حتى مات فهو كفر به.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: من أطاق الحج فلم يحج، فسواء عليه مات يهوديًا أو نصرانيًا.
1271- وعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «بُنِي الإسْلاَمُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلهَ إِلا اللهُ، وَأنَّ مُحَمَّدًا رسولُ اللهِ، وَإقَامِ الصَّلاَةِ، وَإيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَحَجِّ البَيْتِ، وَصَوْمِ رَمَضَانَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
1272- وعن أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «يَا أيُّهَا النَّاسُ، قَدْ فَرَضَ اللهُ عَلَيْكُم الحَجَّ فَحُجُّوا» فَقَالَ رَجُلٌ: أكُلَّ عَامٍ يَا رَسولَ اللهِ؟ فَسَكَتَ، حَتَّى قَالَهَا ثَلاثًا. فَقَالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «لَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَتْ، وَلَمَا اسْتَطَعْتُمْ» ثُمَّ قَالَ: «ذَرُوني مَا تَرَكْتُكُمْ؛ فَإنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤالِهِمْ، وَاخْتِلاَفِهِمْ عَلَى أنْبِيَائِهِمْ، فَإذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيءٍ فَأتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَن شَيْءٍ فَدَعُوهُ». رواه مسلم.
فيه: دليل على أنه لا يجب الحج إلا مرة واحدة في العمر على كل مكلف مستطيع. وهذا الحديث من قواعد الإسلام المهمة، ومما أُوتيه صلى الله عليه وسلم من جوامع الكلم، ويدخل فيه ما لا يحصى من الأحكام.
1273- وعنه قَالَ: سُئِلَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أيُّ العَمَلِ أفْضَلُ؟ قَالَ: «إيمَانٌ بِاللهِ وَرسولِهِ» قيل: ثُمَّ ماذا؟ قَالَ: «الجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ» قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: «حَجٌّ مَبرُورٌ». متفقٌ عَلَيْهِ.
«المبرور» هُوَ: الَّذِي لا يرتكِبُ صاحِبُهُ فِيهِ معصيةً.
في هذا الحديث: أن عمل القلب أفضل من عمل الجوارح.
وفيه: أن الجهاد أفضل من نافلة الحج.
1274- وعنه قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ حَجَّ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أمُّهُ». متفقٌ عَلَيْهِ.
الرفث: الجماع، ومقدماته بالفعل والقول.
وقال عطاء: الرفث: قول الرجل للمرأة في الإحرام إذا أحللت أصبتك.
وقال ابن عباس: الفسوق: المعاصي. وقيل: الرفث: الفحش، والقول القبيح.
وقال الشارح: فلم يرفث: فلم يلغ.
1275- وعنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَينَهُمَا، وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلا الجَنَّةَ». متفقٌ عَلَيْهِ.
الحج المبرور: هو الذي لا لغو فيه ولا معصية.
وفي الحديث: دليل على مشروعية العمرة في كل وقت، وأنه لا كراهة في تكرارها.
1276- وعن عائشة رَضِيَ اللهُ عنها قَالَت: قُلْتُ: يَا رسول الله، نَرَى الجِهَادَ أفْضَلَ العَمَلِ، أفَلا نُجَاهِدُ؟ فَقَالَ: «لَكُنَّ أفْضَلُ الجِهَادِ: حَجٌّ مَبْرُورٌ». رواه البخاري.
فيه: دليل على أن الحج من أفضل الجهاد، وأنه من سبيل الله.
1277- وعنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أكْثَرَ مِنْ أن يَعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ». رواه مسلم.
فيه: فضل يوم عرفة، وأنه يرجى فيه استجابة الدعاء وغفران الذنوب.
1278- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قَالَ: «عُمْرَةٌ في رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً- أَوْ حَجَّةً مَعِي». متفقٌ عَلَيْهِ.
في هذا الحديث: فضيلة العمرة في رمضان.
1279- وعنه: أنَّ امرأة قالت: يَا رسول الله، إنَّ فَرِيضَةَ اللهِ عَلَى عِبَادِهِ في الحَجِّ، أدْرَكَتْ أَبي شَيْخًا كَبِيرًا، لا يَثْبُتُ عَلَى الرَّاحِلَةِ أفَأَحُجُّ عَنْهُ؟ قَالَ: «نَعَمْ». متفقٌ عَلَيْهِ.
الحديث: دليل على جواز حج المرأة عن الرجل، والحج عن المعضوب: وهو الكبير العاجز أو المريض الذي لا يرجى برؤه.
1280- وعن لقيط بن عامر رضي الله عنه أنَّه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ، لا يَسْتَطِيعُ الحَجَّ، وَلا العُمْرَةَ، وَلا الظَّعَنَ؟ قَالَ: «حُجَّ عَنْ أبِيكَ وَاعْتَمِرْ». رواه أَبُو داود والترمذي، وقال: (حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحيحٌ).
فيه: دليل على جواز النيابة عن المعضوب في النسك المفروض.
1281- وعن السائب بن يزيد رضي الله عنه قَالَ: حُجَّ بي مَعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجةِ الوَدَاعِ، وَأنَا ابنُ سَبعِ سِنينَ. رواه البخاري.
فيه: جواز إحجاج الصبي قبل البلوغ.
1282- وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ رَكْبًا بالرَّوْحَاءِ، فَقَالَ: «مَنِ القَوْمُ؟» قالوا: المسلِمُونَ. قالوا: مَنْ أنْتَ؟ قَالَ: «رسولُ اللهِ». فَرَفَعَتِ امْرَأةٌ صَبيًّا، فَقَالَتْ: ألِهَذَا حَجٌّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَلَكِ أجْرٌ». رواه مسلم.
الحديث: دال على أنه يصح حج الصبي سواء كان مميزًا أم لا، حيث فعل وليه عنه ما يفعل الحاج، وإلى هذا ذهب الجمهور، ولكنه لا يجزئه عن حجة الإسلام، وصفة إحرام الولي عنه أن يقول بقلبه: جعلته محرمًا.
1283- وعن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكانت زَامِلَتهُ. رواه البخاري.
قوله: «على رحل»، أي: على قتب الراحلة، وكانت- أي الراحلة- زاملته.
والزاملة: البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع.
ولابن ماجة: حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رثٍّ، وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم، ثم قال: «اللهم اجعله حجًا لا رياءً فيه ولا سمعة».
1284- وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَتْ عُكَاظُ، وَمَجِنَّةُ، وَذُو المَجَازِ أسْوَاقًا في الجَاهِلِيَّةِ، فَتَأثَّمُوا أن يَتَّجِرُوا في المَوَاسِمِ، فَنَزَلَتْ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: 198] في مَوَاسِمِ الحَجِّ. رواه البخاري.
قال أبو عبيد: عكاظ: صحراء مستوية لا جبل فيها ولا علم، وهي بَيْنَ نجد والطائف، وكان يقام بها السوق في ذي القعدة نحوًا من نصف شهر، ثم يأتون موضعًا دونه إلى مكة، يقال له: سوق مجنة، فيقام فيه السوق إلى آخر الشهر، ثم يأتون موضعًا قريبًا منه يقال له: ذو المجاز فيقام فيه السوق إلى يوم التروية، ثم يصدرون إلى منى. انتهى.
وفي الحديث: دليل على أن التجارة في الحج لا تنافي صحته، وأن البيع والشراء فيه جائز.